رسائل نصر الله بين مواجهة الضغوط وتعزيز ردع لبنان

التحذير الذي وجّهه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى كيان العدو، يبدو موقفاً مدروساً بدقة في المضمون والتوقيت. ورسائلة باتت أكثر حضوراً لدى مؤسسة القرار السياسي والأمني في تل أبيب، وأيضاً لدى أصدقاء حزب الله وحلفائه وخصومه في الساحة اللبنانية.
بأنه إن لم تتم معالجة هذا الأمر فهو سيعالجه»، بحسب ما أوضح السيد نصر الله.
في المقابل، أتى موقف السيد نصر الله، على مستوى المضمون، لتأكيد قرار حزب الله: «لا أقول جديداً إذا قلت للإسرائيلي… أي اعتداء على لبنان، أي غارة جوية على لبنان، أي قصف على لبنان، سنرد عليه حتماً، حتماً، حتماً». وعلى مستوى التوقيت، أتى هذا الموقف في ذروة حاجة لبنان للتأكيد على تمسكه بقدرته، وقراره بالرد الحتمي، وهو ما يمثل عناصر القوة المضادة التي يستطيع المستوى الرسمي اللبناني الاستناد إليها لمواجهة الضغوط الإسرائيلية والأميركية والأوروبية.
وتنبع أهمية موقف السيد نصر الله، أيضاً، في المضمون والسياق والرسائل، من كونها تؤكد حقيقة أن خيارات لبنان ليست محصورة بين القبول بالإملاءات الخارجية التي تجرده من عناصر قوته، أو استباحة لبنان أمام الاعتداءات الإسرائيلية. بل إن تجريد لبنان من قدراته الصاروخية هو المقدمة المؤكدة التي تُمكِّن العدو من هذه الاستباحة التي ستؤسس لوطن يختلف جذرياً، في أمنه ومعادلاته وخياراته… عما نشهده الآن.
أن يأتي هذا الالتزام بالرد على لسان السيد نصر الله بنفسه، يعني الكثير لدى قادة العدو. وهو بالتأكيد سيلغي مجدداً من مروحة السيناريوات والخيارات التي قد تطرح على طاولة القرار السياسي الأمني في تل أبيب، إمكانية أن يتسلل أي وهم لدى قادة العدو حول رد حزب الله على أي خيار عدواني. وهنا ينبغي تأكيد حقيقة أخرى، وهي أن القضية لا تتعلق بنشوب حرب ــــ في المدى المنظور ــــ تتخوف إسرائيل من تداعياتها. ولكنها تسعى الى محاولة فرض معادلة تسمح لها بالعودة الى استباحة لبنان.
وهكذا تكون قيادة العدو قد وجدت نفسها مرة أخرى، بعد رسالة السيد نصر الله، أمام حقيقة ثابتة وهي أن أي تجاوز للخطوط التي رسمها حزب الله، يعني أنها ستتلقى ردوداً مؤلمة تستوجب منها، منذ الآن، دراسة خياراتها العملانية، في ضوء نتائجها وكلفتها وتداعياتها:
1 – الامتناع عن أصل الاعتداء الذي يستوجب الرد الذي التزم به حزب الله.
2 – المبادرة إلى الاعتداء وتلقي الرد الذي توعد به الحزب ثم الانكفاء.
3 – المبادرة إلى الاعتداء والرد على الرد.
في السيناريو الأول، يكون العدو قد امتنع عن أي مغامرة عسكرية، ويكون حزب الله قد حقق هدفه الردعي.
في السيناريو الثاني، يكون العدو قد ارتدع في نهاية المطاف، لكن بعد اختبار جدية حزب الله. ويكون الحزب قد حقق هدفه الردعي، وربما مع تضحيات ما وثمن مؤلم للعدو.
#علي حيدر
#جريدة_الأخبار