بريطانيا تبحث في بروكسيل اليوم عن مدخل جديد للسوق الأوروبية

تستعد الأوساط الأوروبية لنقاشات يتوقع أن تكون محبطة بين قادة الدول الأوروبية الـ27 ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كامرون في بروكسيل اليوم، وذلك وسط شد وجذب حول وجوب تسريع لندن تقديم طلب الانسحاب من الاتحاد في ضوء نتيجة الاستفتاء الأسبوع الماضي.
وأعلن كامرون عقب اجتماع للحكومة معارضته أي محاولة من مجلس العموم لوقف مفاعيل الاستفتاء، مؤكداً أن المخرج الأمثل للمأزق يتمثل في البحث عن أفضل مدخل ممكن إلى السوق الأوروبية المشتركة.
ولمّح وزير الخزانة البريطاني ديفيد أوزبورن إلى أن طلب لندن تفعيل البند 50 من المعاهدة الأوروبية (الانسحاب) لن يتم إلا «في الوقت المناسب»، فيما قدم حزب المحافظين عملية اختيار خلف رئيس الوزراء الحالي إلى الثاني من أيلول (سبتمبر) المقبل (بعد 10 أسابيع) من تشرين الأول (اكتوبر) الموعد الذي اقترحه كامرون، ما يعني عملياً استبعاد تقديم طلب الانسحاب قبل هذا الموعد، باعتبار أن كامرون كان أكد أن هذه المهمة متروكة لخلفه.
وفي وقت قرأ المراقبون الموقف البريطاني أمس، على أنه ينم عن رغبة في المماطلة وكسب الوقت، أكد ديبلوماسيون في بروكسيل أنهم في صدد رصد العبارات والمصطلحات التي سيستخدمها كامرون، حول طاولة العشاء مع نظرائه في بروكسيل مساء اليوم، ليستشفوا ما قد يوحي بتقديم طلب تفعيل البند الخمسين من المعاهدة وبدء مفاوضات تخلي بريطانيا عن عضوية الاتحاد.
وقال ديبلوماسي أوروبي بارز أن القمة «قد تكتفي ببيان شفهي من جانب رئيس الوزراء البريطاني لأن كلام القادة يدون في محاضر الاجتماعات»، وبالتالي يمكن اعتباره بلاغاً يستند إليه في إطلاق الإجراءات رسمياً. لكن الديبلوماسي استبعد هذا الاحتمال، وقال: «نتوقع أن يقدم كامرون نتائج الاستفتاء، لكن لا نتوقع أن يعلن نية لندن تفعيل البند 50».
غير أن المماطلة البريطانية التي انقسم الأوروبيون حول تفهم أسبابها، قد تكون دليلاً على أن لندن لم تعد نفسها لمواجهة تداعيات نتائج سلبية للاستفتاء على الساحة السياسية الداخلية والأسواق المحلية والأوروبية. وقال أوزبورن أنه سيكون في وسع المملكة المتحدة تقديم طلب انسحاب «عندما تتضح الرؤى في شأن الترتيبات الجديدة المزمعة مع الجيران الأوروبيين» من دون أن يقدم توضيحات.
ويتوقع ان يصدر البرلمان الأوروبي في نهاية اجتماع استثنائي يعقده اليوم، قراراً يجدد فيه مطالبة بريطانيا بعدم التأخر في تفعيل البند 50 باعتبار أن الضرر الذي ينجم عن الغموض لا يطاول البريطانيين فحسب بل أيضاً 450 مليون نسمه في الاتحاد.
وقالت لـ»الحياة» ربيكا هارمس، زعيمة تكتل الخضر في البرلمان الأوروبي، أن «هناك مصلحة مواطني المملكة المتحدة وهم قلقون على مستقبلهم وأيضاً مصالح مواطني 27 دولة من الواجب حمايتهم من مخاطر الغموض والتوتر». كما حضت على «التفكير أيضاً في مصالح الإسكتلنديين والإرلنديين وإنصافهم لأنهم قلقون على مستقبلهم وهم صوتوا من أجل البقاء في الاتحاد».
إلى ذلك، بحث وزير الخارجية الأميركي جون كيري تداعيات الأزمة مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني. وتوقع كيري «عواقب وتداعيات» للأزمة. ونصح في مؤتمر صحافي عقده مع موغريني بأن «يعمل القادة في نطاق منظور استراتيجي يضمن استمرار الهياكل التي أقمناها منذ الحرب العالمية الثانية من أجل رفاه شعوبنا على أساس المصالح والقيم المشتركة».
وأكد كيري حرص الولايات المتحدة على أن يكون الاتحاد الأوروبي «شريكاً قوياً لضمان استمرار التعاون في مجالات عدة من بينها تغيير المناخ ومكافحة الإرهاب والهجرة». وشدد على أن الشراكة مع الاتحاد لن تتغير بعد نتائج استفتاء بريطانيا.
في المقابل، أكدت موغريني على «الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتعاونهما معاً في اللجنة الرباعية ومحاولات حل أزمتي سورية وليبيا».
ويعقد قادة الاتحاد الأوروبي اجتماعاً مع الرئيس باراك أوباما على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في وارسو في 8 و9 تموز (يوليو) المقبل. كما يشارك كيري في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد في 18 منه في بروكسيل.
واستمرت أمس تداعيات محاولة اقالة زعيم حزب العمال جيرمي كوربين بعد استقالة 20 من وزراء الظل، اضافة الى تداعيات محاولة اسكتلندة تنظيم استفتاء جديد على الاستقلال عن بريطانيا عبر تمسكها بعضوية الاتحاد الأوروبي.
الحياة.