دويلة المولدات حاضرة..فما الحاجة إلى الحكومة؟!

الدولة عاجزة عن تأمين حلم التيار الكهربائي 24 على 24 كما سبق أن وُعد اللبنانيون به، منذ أن ترافق هذا الحلم مع شعارات التغيير، التي أصبحت من ضروريات حال التعتير التي يعيشها أولئك الذين لا يزالون يعيشون كذبة الحلم الوردي لكي لا نستعمل ألونًا أخرى فيُسأ فهمنُا.
وأمام هذا العجز الفادح والفاضح في تحقيق أدنى المتطلبات لم يعد مستغربًا أن يفرض أصحاب مولدات الكهرباء شروطهم التفاوضية وأن يلجأوا إلى التهديد بإدخال البلاد، بطولها وعرضها، في العتمة، وهم الذين يُعتبرون من بين أكثر المستفيدين من عجز الدولة وتلهّيها بأمور ليس لها أي علاقة بمصالح الناس، الذين صدّقوا خبرية الإنتخابات النيابية على أساس النسبية، وأعادوا من حيث لا يدرون إنتاج السلطة السياسية ذاتها.
هذه السلطة التي تقف مكتوفة الأيدي أمام إصرار أصحاب المولدات، الذين باتوا أقوى الأقوياء بالمفهوم المتعارف عليه لكلمة “قوي”، لم تتخذ العبرة من تقلّص نفوذها وتراجع مستوى هيبتها ولم تقرّر بعد إستعادة هذه القوة المغتصبة، وكأن ما يجري من تجاوزات هي غير معنية به أو أن ما يحصل هو خارج حدود شرعيتها.
فإذا كان قرار تركيب عدّادات هو لمصلحة الناس، بغض النظر عمّا يُحكى عن صفقات، على غرار ما كان يتهمّ من هم في السلطة اليوم مَن كانوا قبلهم فيها من تمرير صفقات مشبوهة لمصلحة اشخاص معينين، فليُفرض بقوة القانون ونقطة على السطر.
أما إذا كان العجز قد بلغ حدّه الأقصى حيال أمر لم يعد مسموحًا السكوت عنه، وقد تجاوزت قيمة فواتير الكهرباء البديلة الخطوط الحمر، وأصبحت بالفعل ترهق كاهل المواطن المتروك لتسلطّ المتسلطين ولـ”عنتر” الذي لم يجد من يضع حدّا لتسلبطه، فعلى الدنيا السلام، وعلى مساعي تشكيل الحكومة ألف سلام.
كان يُقال، يوم كان للقول فعلٌ، أن الحديد لا يفّله إلاّ الحديد، وهذا يعني بالمفهوم المسطّح لكلمة سلطة أن الحزم والحسم باتا مطلبين لا بدّ منهما لفرض ما تبقى من هيبة وللخروج من منطق إستجداء الحلول. فكما أنه لا وجود لشيء أسمه الأمن بالتراضي كذلك لا يجوز أن تأتي الحلول لأزمات تُصوّر على أنها مستعصية على طريقة “تبوييس اللحى” و”عفا الله عمّا مضى” أو “الشاطر بشطارتو”. فالسلطة قبل كل شيء هيبة. وعندما تُفتقد يتضاءل الأمل بعودة الدولة إلى الدولة، وعندها يصحّ المثل القائل: “إفتكرنا الباشا باشا طلع الباشا زلمي”.
فإذا كان “حزب الله” جدّيًا في ما يُرّوج له عن مكافحة الفساد فليبدأ من حيث له سلطة فعلية على الأرض، أي من الضاحية الجنوبية، من خلال شرعية إتحاد بلدياتها، فتكون له مساهمة فعلية في وضع حدٍّ لتمادي مافيات المولدات، وبذلك يثبت أن ما يقوله عن مكافحة الفساد ليس مجرد شعار. وهذا الأمر من شأنه أن يسهّل على السلطة، الذي هو واحد من مكوناتها، أن تقدم من خلال خطوات جريئة وحاسمة وحازمة على رفع الضيم عن المواطنين بعد أن يُرفع الغطاء عن كل من يحاول عرقلة مسيرة تطبيق القوانين والقرارات، وذلك كخطوة أولى تكون بمثابة تعويض عن بعض التقصير في إيصال الكهرباء إلى المنازل والمعامل والمستشفيات 12 ساعة في اليوم وليس 24 على 24.